الشبكات الاجتماعية في الربيع العربي

برزت شبكات التواصل الاجتماعي” تويتر”، “فيس بوك” ، “يوتيوب”، عام 2011 في الربيع العربي كعامل فاعل ومحفز للتغيرات السياسية. كما واكبت مختلف الحركات الاحتجاجية في العالم.

شهد عالم الانترنت والمعلوماتية في عام 2011 أحداثا عدة كان أبرزها وفاة مؤسس شركة آبل ستيف جوبز، كما دمغ انتشار الكمبيوتر اللوحي على أنواعه شهور هذا العام حيث تحولت المعلوماتية إلى معلوماتية سحابية.
وتميز عام 2011 بتصاعد عمليات القرصنة و تحديدا القراصنة الناشطين السياسيين Hacktivist مع مجموعة “انونيموس” .
غير أن عام 2011 يبقى بإمتياز عام “الربيع العربي” الذي أزهر مع الإعلام الاجتماعي أو الـ Social Media. من تونس إلى مصر، ليبيا، اليمن، البحرين سوريا. ومن ثم في الاحتجاجات الاجتماعية من اسبانيا إلى الولايات المتحدة مرورا بتل ـ أبيب.
ونقل موقع تويتر مباشرة مقتل بن لادن و من ثم الهزة الأرضية في اليابان وكارثة مفاعل فوكوشيما النووي، الأحداث الدامية في لندن  والحملات على مواقع “يوتيوب”، “تويتر” و”فيس بوك” للدفاع عن حق المرأة في القيادة في السعودية.و أخيرا وليس أخرا الاحتجاجات ضد بوتين في روسيا …و شهد الفضاء الافتراضي  ولادة شبكة اجتماعية جديدة مع “غوغل بلس”…

يطرح المراقب في “الربيع العربي” التساؤلات عن الدور الذي قامت و ما تزال تقوم به مواقع التواصل الاجتماعي ، خاصة وأننا سمعنا هنا وهناك تسميات عن “ثورة فيس بوك” و “ثورة تويتر” .فالثورة هي قضية شعب و نضال شعب و شبكة الانترنت من خلال الإعلام الاجتماعي و من خلال قدراتها التقنية المتعددة الوسائط التي تقدمها جعلتها أداة لإيصال القضية و للتحفيز كمكبر للصوت.

ففي عودة إلى أبرز أحداث “الربيع العربي” و بداية من تونس، يمكن تلخيص الدور الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي في الانتفاضة الشعبية التونسية بالقول أن جزء من تاريخ “ثورة الشباب” في تونس كتب على الحائط الافتراضي لموقع “فيس بوك” .
فقد كان نظام زين العابدين بن علي يحكم بقبضته على الاتصالات الالكترونية و يضيق على الصحافيين و الإعلاميين و منع المراسلين المحليين و الأجانب من السفر إلى سيدي بوزيد لتغطية الأحداث. و كان الإعلام الرسمي يصف الأحداث بأعمال إرهاب و تخريب وقد حاولت السلطات حجب المعلومات وتحويرها .
فمع القمع و التضييق الإعلامي الذي كان يعيشه التونسيون كان البديل شبكة الانترنت و بالتحديد موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” الذي تمكن من خلاله التونسيون الالتفاف على الرقابة و على التعتيم الإعلامي و سمحت للكثيرين بنقل كم هائل من المعلومات من صور و فيديو إلى العالم وإلى التونسيين عبر موقع “فيس بوك” و عبر الانترنت ، مما ساعد في إقناع التونسيين بأن الوقت قد حان للانتفاضة و التحرك للخروج إلى الشارع و الانضمام إلى الشباب في ثورتهم.
كما في تونس كذلك في مصر فقد نشطت مواقع التواصل الاجتماعي و تحديدا خدمة “تويتر” للدعوة للتظاهر ولتنسيق الاحتجاج. فالانترنت غيّر مفاهيم الناس من خلال حملات التوعية التي يقوم بها النشطاء المصريين للتعريف بحقوق الإنسان و بحقوق” المواطن” السياسية. و في مصر لمواقع التواصل الاجتماعي الدور الأكبر في تنظيم النشطاء و في نقل نبض الشارع و نقل وقائع الأحداث بشكل آنيمن قلب التظاهرات، و لتبادل المعلومات عن أماكن التجمعات بالإضافة للنصائح المختلفة لمواجهة حالات الاعتقال أو كيفية تفادي القنابل المسيلة للدموع و غيرها من الأمور لحماية المتظاهرين.
و أهمية هذا الوسيط كانت أيضا من خلال التفاعل بين المواطنين المصريين في الداخل و الخارج و أيضا في كيفية نقل وقائع الإحداث بدل الإعلام العالمي و الوطني المكبل حتى تنحي حسني مبارك . وما زال الاعلام الاجتماعي  ناشطا في مصر اليوم في مواجهة المجلس الأعلى للقوات المسلحة .
في ليبيا عند اندلاع ثورة 17 فبراير/ شباط ، أسس المدون الصحفي محمد نبوس “قناة ليبيا الحرة” التي تعد أول محطة تلفزيونية إخبارية خاصة ومستقلة أنشئت في الأراضي التي يسيطر عليها “المجلس الوطني الانتقالي” تبث عبر الانترنت. حيث تناقلت وسائل الإعلام العالمية  الصور الأولى التي نقلها نبوس عن الدمار و المعارك في مدينة بنغازي. قتل محمد نبوس في 19 مارس/ آذار 2011 برصاص قناصة عندما حاول التقاط صور عن الدمار الذي لحق بمدينة بنغازي جراء قصف كتائب القذافي لها في معركة بنغازي الثانية.
في سوريا مع تصاعد نبض الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد في سوريا، تصاعدت أيضا حدة المواجهات في الفضاء الالكتروني حيث تحولت الشبكة العنكبوتية إلى ساحة حرب حقيقية، فبرزت مجموعة على موقع “فيس بوك” أطلقت على نفسها اسم «الجيش السوري الإلكتروني» و فيما بعد كان لها موقعها الالكتروني الخاص.
فقد دشنت هذه المجموعة أسلوبا جديدا في التعاطي مع الاحتجاجات ومع المعارضة عن طريق قرصنة الصفحات الشخصية لبعض المعارضين أو المناهضين للنظام السوري و أيضا اختراق مواقع وسائل الإعلام العربية والغربية و مواقع غربية و إسرائيلية .
و مع منع النظام السوري عمل مراسلي وسائل الإعلام العالمي على الأراضي السورية ،لجأت وسائل الإعلام  تلك إلى ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي “يوتيوب” و”فيس بوك” و “تويتر” التي تنشر عليها أفلام فيديو من المظاهرات أو المعارك مصورةبالهاتف الخلوي، دون التأكد من صدقية ما يورد في تلك الملفات.
دخلت مواقع الإعلام الاجتماعي لتنظيم الاحتجاجات الاجتماعية تظاهرات حركة «احتلوا وول ستريت» في الولايات المتحدة.و تظاهرات الشباب في أسبانيا و تل ـ ابيب كذلك الضجة التي أثارها الفيديو الذي نشرته السعودية منال الشريف على موقع يوتيوب، والذي يُظهرها أثناء قيادتها سيارتها في المنطقة الشرقية من المملكة، وذلك ضمن حملة  women2driveللدفاع عن حق المرأة في القيادة في السعودية .
ولو بقي الجدل مفتوحا حول حجم التأثير الفعلي للإعلام الإجتماعي، غير أنه لم يعد بوسع أحد تجاهل هذه الشبكات.و تبقى جملة كتبها مدون مصري على موقع “تويتر”  بداية ثورة 25 يناير في رسالة موجهة إلى قناتي “الجزيرة” و “العربية” و ربما إلى كل وسائل الإعلام يقول فيها :” لم نعد بحاجة إليكم بعد اليوم …لدينا تويتر”.
وصلة للقاء مع  الإعلامية أوكتافيا نصر، مؤسسة Bridges media consulting للاستشارات الإعلامية و التدريب والجمع بين الإعلام التقليدي والإعلام الاجتماعي، التي تحدثت عن العلامات البارزة للإعلام الاجتماعي عام 2011.