
بعد دراسة عينات من الملفات التي وضعتها مجموعة
Shadow Brokers ، تشير الأدلة إلى ان هذه الأدوات والبيانات هي من أدوات الـ
NSA وهي تحتوي على طرق استغلال وقرصنة الهفوات البرمجية التي تعرف بالـ
Zero Day وكان معظم الخبراء الأمن أشاروا إلى أن مجموع هذه الملفات تعود لحزيران/يونيو عام 2013، أي الفترة الزمنية التي قام بها
ادوارد سنودن بعملية الإنشقاق عن وكالة الأمن هاربا إلى
روسيا مع ملفات من نسق الـ
Powerpoint مع معلومات عن عمليات التنصت والاختراق ، ولا تحتوي أطلاقا البيانات مع شيفرة البرمجيات الخبيثة .مما يوحي بأن مجموعة القراصنة
Shadow Brokers قد فقدت الاتصال بخوادم
وكالة الأمن القومي الأمريكية في ذلك الوقت بعد ان قامت الوكالة بنقل خوادمها وقدراتها الهجومية الإلكترونية إلى مخدمات جديدة لحمايتها من الإختراق و الدخلاء .
بعد فحص عينات البيانات المسربة، أعتبر بعض الخبراء أن هذه البيانات ليست نتيجة اختراق بل هي مسّربة ، نظرا لبقاء تسلسل أوامر الشيفرة من دون تغيير. مما طرح إمكانية وجود
خلية نائمة Agency Mole داخل
وكالة الأمن القومي الأمريكية قامت بسلب الملفات. هذا بالإضافة لتحليل اللغّة الإنجليزية المكسّرة المستخدمة التي بينّت أن من نشر اعلان البيع بالمزاد ليس أجنبيا و لغته الأم هي الإنجليزية وحاول التخفي عبر استخدام لغة غير صحيحة
Broken English .
ومن بين المعلومات التي تؤكد مصداقية كون هذه البيانات تابعة لوكالة الأمن القومي حسب موقع
The Intercept فإن الوكالة تنصح عملائها القراصنة باستخدام عند تطوير البرمجيات الجاسوسة أن تكون مؤلفة من سلسة رموز و شيفرة من 16
Character String . وعند دراسة عينات الأدوات المسربة من مجموعة
Shadow Brokers تعرف الخبراء على برمجية تعرف باسم
SCONDDATEوهي من ضمن أدوات التتبع و القرصنة التي استخدمت لاعتراض و أعادة توجيه طلبات الإنترنت نحو خوادم وكالة الأمن القومي الأمريكية فخلال عمليات تنصت في باكستان ولبنان.
والذي أثار الذعر كون معظم الهفوات وأساليب الاختراق التي وضعت كعينات تستهدف شركات أمريكية متخصصة بأمن الشبكة والاتصالات بالإضافة لبعض الشركات الصينية. وقد قامت تلك الشركات فورا بتصحيح هذه الهفوات. واعلمت العملاء من شركات و حكومات بواقع الهفوات وسبل الحماية.
كان قد علق ادوارد سنودن بتغريدات على “تويتر” حول التوقيت: معتبرا أن “توقيت تسريب وثائق الحكومة مهم جدا ولا شك ان التحليل المنطقي يشير الى ان روسيا هي التي تقف وراء هذه التسريبات في هذا التوقيت بالذات وهي وراء مجموعةShadow Brokers” .
يبقى أنه من الصعب توجيه أصابع الاتهام لروسيا حسب نظرية
ادوارد سنودن الذي
تكهن أن تكون روسيا خلف عملية التسريب هذه . وذلك استباقا لأي مبادرة من قبل الإدارة الأمريكية لمعاقبة روسيا بعد اتهامها بعملية الاختراق الضخمة وتسريب بيانات من
مركز الحزب الديمقراطي في خضم الفترة التي كان ينعقد فيها مؤتمر الديمقراطيين لترشيح
هيلاري كلينتون عن الحزب للانتخابات الرئاسية الأمريكية. والذي اعتبر حينها تدخلا في حملة الانتخابات الرئاسية لصالح
دونالد ترامب. أذ لا يمكن اليوم الجزم نهائيا من اين مصدر القرصنة أو أي قرصنة أخرى. فالقراصنة يمكنهم استخدام أجهزة قد تعرضت للقرصنة سابقا وبالتالي يعبرون شبكة الإنترنت عبر مجموعة كبيرة من الخوادم التي يمكن أن تكون بدورها قد تعرضت للقرصنة، ويمكنهم جمع شيفرات وأدوات قرصنة من مصادر مختلفة يمكن أن تشير لجهة معينة غير أنها ليست الجهة الحقيقية التي قامت بعملية القرصنة.
لكن تسليط اعلان البيع بالمزاد لأدوات حرب الكترونية أو سيبيرية يطرح عدّة أسئلة :
هل وكالة الأمن القومي الأمريكية كانت على علم بأن خوادمها قد خرقت عام 2013 أو أن العملية كانت الاستيلاء على بيانات من خادم وسيط يحفظ في ذاكرته عملية قرصنة من عمليات الـ NSA، أو أن عميل من الوكالة كان يستخدم أدوات القرصنة والاختراق هذه ولم يتمكن من تنظيف أثار عمليته، مما سمح لأحدهم من الاستيلاء على هذه الأدوات من دون أن تحصل فعليا عملية اختراق خطيرة لخوادم وكالة الأمن القومي الأمريكية.
تعتبر الشركات المتخصصة بأمن الشبكة والاتصالات أن خوادمها آمنة ولا تحتوي على هفوات وغير معرضة للاختراق. أي تهديد خصوصية “المواطن الأمريكي” فضلا عن تهديد أمن شركات وحكومات دول تؤول على خدمات هذه الشركات لحماية بياناتها و اتصالاتها . فكيف يمكن لوكالة الأمن القومي الأمريكية أن تطور الأدوات لاختراق أجهزة معنية بأمن الشبكة وبيانات المواطنين الأمريكيين. علما أنه يوجد
قانون فدرالي يجبر وكالات المخابرات الأمريكية الكشف عن الهفوات التي يمكن أن تشكل تهديدا لأمن المواطنين؟
والسؤال الأخطر، مهما كانت الدولة أو مجموعة القراصنة وراء مجموعة Shadow Brokers التي سربت هذه الأدوات ،تملكها منذ 3 سنوات قبل طرحها للنشر وللبيع بالمزاد … ماذا فعلت بهذه الهفوات وأدوات الاختراق التي بحوزتها خلال هذه الأعوام ؟
و السؤال المحير اذا كانت وكالة الأمن القومي الأمريكية على علم بعملية التسريب هذه الم يكن بالحري بها اعلام الشركات المعنية بوجود هذه الهفوات منذ 3 سنوات و جعل أمنها هشا و معرضا لكل عمليات الاختراق الممكنة . مما يعتبر تهديد لأمن المستخدم، المستخدم العادي والشركات والمصارف والمؤسسات الحكومية وغيرها؟
يبقى ما كتبه
كريس سوغيان،خبير أمن المعلومات وناشط في “الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية”
the American Civil Liberties Union. في تغريدة على موقع “تويتر”: “عند فشل وكالة الأمن القومي بمهماتها فإن شركات التكنولوجيا الأمريكية هي التي تحمل عبئ ثمن سمعة هذا الفشل”
نذكر بعد كشف سنودن عام 2013 عن عمليات التنصت و التتبع و التجسس التي تقوم بها وكالة الأمن القومي أدت إلى أزمة ثقة كبيرة في “السليكون فالي” واضطرت كبريات شركات الإنترنت و الإتصالات نفي تعاونها مع الـNSA.
يبقى أن تلك الملفات المسّربة قد تظهر إلى العلن حتى و أن لم يقم القراصنة بتسليم ا”لأسلحة الإلكترونية” مع مفتاح التشفير إلى أعلى مزايد إذ أعلن موقع “ويكيليكس” على حسابه على “تويتر” توفيره لهذه الملفات قريبا.