فضيحة “كامبريدج اناليتيكا” تهز عرش فيسبوك

دخلت شركة فيسبوك يوم الإثنين 19 من مارس في دوامة عاصفة مع الكشف يوم الأحد 18 مارس 2018 عن فضيحة شركةCambridge Analytica” ” التي حصدت بيانات أكثر من 50 مليون مستخدم لموقع فيسبوك، ومن دون موافقتهم، بهدف تطوير برنامج معلوماتي يتيح كشف النوايا الانتخابية للناخبين وكيفية التلاعب بها، وذلك منذ عام 2014.

كريستوفر وايلي فضح كيفية عمل “كامبريدج اناليتيكا

معلومات كشفتها كل من صحيفتا «نيويورك تايمز» و«ذي أوبزرفر»البريطانية.وهي نسخة صحيفة الغارديان المخصصة لنهاية الأسبوع ، و ذلك بعد عام من التحقيقات الاستقصائية قامت بها Carole Cadwalladr اثر لقاء معChristopher Wylie ، باحث في علم البيانات Data Scientist ، كان يعمل لحساب شركة “كامبريدج اناليتيكا” او بالأحرى أبحاثه وتعرفه على ستيف بانون، أدت إلى أنشاء شركة “كامبريدج اناليتيكا” بتمويل من الملياردير الأمريكيروبرت ميرسر وابنته ريبيكا، وهو من أكبر الممولين لحملة دونالد ترامبوللحزب الجمهوري .

ساعد Christopher Wylie في تطوير الدراسات لتحليل البيانات المحصودة من فيسبوك من خلال تطبيق يتطلب الدخول اليه API الخاصة بفيسبوك، ما يسمح لأطراف ثالثة بالحصول على بيانات من مستخدمي فيسبوك، وليس فقط من يستخدم التطبيق، بل كل من يتواصل معهم على الموقع. وذلك بهدف إنشاء نماذج للشخصيات واستغلال اهواءهم وما يؤثر بهم لبناء الحملات الانتخابية واستهدافهم بشكل أفضل.

الكسندر كوجان حاصد بيانات مستخدمي فيسبوك

الفكرة مستلهمة من دراسة كان قد قام بها باحثان في جامعة كامبريدجMichal kosinski و David stillwell عن طريق تطبيق myPersonality عبرالفيسبوك لدراسة سيكولوجية المستخدمين، بعد الإجابة عن أسئلة معينة أو من خلال ما يشاركونه على صفحات فيسبوك وما يحبون. أي استخدام البيانات لفهم سيكولوجية المستخدم عبر كمية البيانات.

عندما فشلت المفاوضات بين كريستوفر وايلي و Kosinski لشراء البيانات في حزيران/يونيو 2014 لاستخدامها في أبحاثه في شركة “كامبريدج اناليتيكا” ، برز على مسار القضية Dr Aleksander Kogan،عالم نفس و باحث روسي وأستاذ أيضا في جامعة كامبريدج، الذي من خلال شركة أسسها تحمل اسمGlobal Science Research company استنسخ دراسة kosinskiوالبيانات المستخدمة للدراسة و باعها لشركة Strategic Communication Laboratoriesوهي من الشركات التابعة لـ“كامبريدج اناليتيكا” ،والتي أتاحت لـكوجانكونه باحث في كامبريدج من التصريح لفيسبوك بأن ما يقوم به من جمع للبيانات هو بهدف أكاديمي. غير أنه استخدم هذه البيانات من خلال تطبيق thisismydigitallife الذي لا علاقة له بجامعة كامبريدج ، والذي يتطلب الدخول اليه API الخاصة بفيسبوك و قام بدفع بدل مالي للمستخدمين للمشاركة، والتي من خلالها قام بحصد عشرات الملايين من بروفايل مستخدمي فيسبوك دون معرفتهم بكمية و نوعية البيانات المحصودة، ثم باعها لـ “كامبريدج اناليتيكا” دون أن تطرح هذه الأخيرة و لا حتى كريستوفر وايليأن كان هذا الأمر قانونيا أم لا . وهو بالطبع أمر غير قانوني في بريطانيا.

تبين بعد ذلك أن شركة فيسبوك كانت على علم بعملية الحصد هذه منذ عام 2015 ، وقامت فقط بخطوات محدودة لاسترجاع و حماية بيانات هؤلاء المستخدمين ، هذه البيانات حسب تقرير الأوبزرفر ما زالت متوفرة “خام” على شبكة الإنترنت ويمكن الاطلاع عليها.

هل حصل الروس على بيانات الناخبين الأمريكيين من “كامبريدج اناليتيكا”؟

يدخل في مسار القضية التدخل الروسي في حصد البيانات للمستخدمين الأمريكيين عن طريق تعاون الكسندر كوجان و“كامبريدج اناليتيكا” مع شركة نفط روسية مقربة من بوتين والكشف عن كون هذا الأخير أستاذ في جامعة سان بطرسبرغوممول منها لأبحاث أكاديمية يقوم بها.و خرج كوجان يوم الأربعاء ليقول أنه كبش فداء

يبقى أنه بعد خروج هذه المعلومات إلى العلن تراجعت أسهم فيسبوك بمقدار 6.8 بالمئة في ختام تعاملات ناسداك الاثنين و 7% يوم الثلاثاء، وسط مخاوف من المطالبات الملحة بسن قوانين جديدة يمكن أن تضر بنموذج عمل الشركة. وطال التراجع شركات تكنولوجيا العملاقة في وول ستريت بينهم أبل وألفابيت ونتفليكس. وطالت الخسائر أيضا الأسواق الآسيوية مع تراجع أسهم سوني في طوكيو وسامسونغ في سيول وتنسنت الصينية في هونغ كونغ.

من المسؤول عن خصوصية المستخدمين ؟

المخيف أن الجميع ينفي شراء أو بيع البيانات استغلالها وفيسبوك ينفي أن تكون العملية عملية اختراق.

يعتبر الكسندر كوجان في حديث للبي بي سي بث يوم الأربعاء 21 مارس أنه “استخدم ككبش فداء من جانب كل من فيسبوك وكامبريدج اناليتيكا” “.

من يحمي بياناتنا وخصوصيتنا، هل المشكلة هي النموذج الاقتصادي لـفيسبوك أم تخاذل المشرعين لفرض حماية بياناتنا من الاستغلال عمالقة الإنترنت والتجارة ببيانات المستخدمين. ام المشكلة الأساسية هي نحن المستخدمين؟

مارك زوكيربرغ مطالب اليوم لتوضيح ما حدث ومسؤولية فيسبوك أمام برلمان الاتحاد الأوروبي، وأمام البرلمان البريطاني حيث بدأت التحقيقات مع شركة “كامبريدج اناليتيكا” البريطانية وبدأ تفتيش مكاتب المؤسسة الاستشارية التي اعلنت تعليق عمل مديرها الكسندر نيكس بعد الفيديو الفاضح الذي بثته البي بي سي يقول فيه إن الشركة استخدمت الرشاوى وأعمال مخالفة لخداع السياسيين.كما أعلنت لجنة التجارة الفيدرالية أنها فتحت تحقيقاً رسمياً مع شركة فيسبوك، بشأن قواعد الخصوصية الخاصة بها.

القضية معقدة ولها تفرعات مخيفة. يمكن العودة إليها في الملف الذي خصصته الغارديان.

لكن سؤال أخير خطر في بالي: بعد تسريبات كريستوفر وايلي التي تذكرني بتسريبات ادوارد سنودن هل يمكن اعتبار انتخاب دونالد ترامب شرعيا؟

 نايلة الصليبي

حملة “الحقيقة حول التكنولوجيا” تعلن الحرب على فيسبوك وغوغل

حملة “الحقيقة حول التكنولوجيا” انطلقت في “السليكون فالي “لمواجهة الإدمان البشري للتكنولوجيا وتوعية الأهل لمخاطر التكنولوجيا على أطفالهم. وهم مجموعة من خبراء التكنولوجيا ساهموا في بناء شركات التكنولوجيا العملاقة و بالتحديد “فيسبوك” و “غوغل”.

تقوم بحملة “الحقيقة حول التكنولوجيا” مجموعة من التقنيين موظفين سابقين في “غوغل” و “فيسبوك“، من اللذين ساهموا في بناء هذه الشركات العملاقة، يجتمعون اليوم في اتحاد من العلماء المعنيين بالتوعية من التأثير السلبي للشبكات الاجتماعية والهاتف الذكي على الأطفال والمراهقين، وأطلقوا مركز التكنولوجيا الإنسانيةCenter for Humane Technology، لمحاربة ما ساهموا في بناءه لحماية العقل البشري والمجتمع البشري.

هل بدأت يقظة البشري والوعّي لجشع شركات التكنولوجيا العملاقة والتصدّي لما يعرف باقتصاد الانتباه Attention Economy

بحيث يعامل فيه انتباه الإنسان وكأنه سِلعة نادرة للربح المادي عن طريق جذب المستخدم لبيئة المنصة وجذب انتباهه وجعله يستهلك المحتوى لأطول مدة ممكنة.

تذكرون في شهر ديسمبر2017 نقلت تحذير مسؤولين ومطورين سابقين من“فيسبوك” ،من استثمار “فيسبوك” “للهفوات الموجودة في سيكولوجية البشري لجني المال، وتأثيره كتأثير الدوبامين يدفع للإدمان للشعور بالمتعة والسعادة” ،وتعبيرهم عن ندمهم في مساهمتهم بخلق مسخ “فرانكشتاين“…

تذكروا كيف خرج نائب رئيس التنمية السابق في “فيسبوك”Chamath Palihapitiya عن لياقات الحوار، حين صرح غاضبا في احدى اللقاءات إنه: “لا يسمع لأولاده استخدام هذه القذارة -أي “فيسبوك” – الذي يدمر النسيج الاجتماعي و يخضع عقل المستخدمين” .

الحقيقة حول التكنولوجيا” حملة لتوعية التلاميذ والأهل من خطر الإدمان على المنصات الاجتماعية و “فيسبوك” بالتحديد والذي يسهل هذا الإدمان هو “الهاتف الذكي“.

يمكن مراجعة: مارك زوكيربرغ الديكتاتور الأول في العالم من جمهورية “فيسبوك”

ستعمل مجموعة الخبراء من خلال Center for Humane Technologyعلى تحضير حملات توعّية في وسائل الإعلام المختلفة، بالإضافة إلى محاضرات ومداخلات في المدارس العمومية في الولايات المتحدة، للتحذير من مخاطر المنصات الاجتماعية والإدمان على الهاتف الذكي، وهي حملات تستهدف الأطفال في الدرجة الأولى كون أدمغتهم في طور النمو ولم يكتمل بعد، ما يجعلهم أكثر عرضه من البالغين لإدمان الشاشات.

لكن علينا جميعا القلق من الآثار السلبية للإدمان على المنصات الاجتماعية والشاشات مثل: الإجهاد والقلق والأرق وفقدان الاعتداد بالنفس، وحتى الاكتئاب، وفقا لمركز التكنولوجيا الإنسانية.

ستقوم المجموعة  بتوفير الوثائق للمهندسين لتقديم المشورة لهم بشأن كيفية تطوير المنتجات التي هي أكثر احتراما لصحتنا العقلية.

كذلك تعمل هذه المجموعة كمجموعة ضغط للتأثير على المشرعين ووضع قوانين تحد من قوة شركات التكنولوجيا العملاقة. ومنها مشروعي قانون لدعم أبحاث حول تأثير التكنولوجيا على صحة الأطفال، ومشروع قانون يهدف إلى تحديد، بشكل منهجي، الحسابات التي تديرها بوتات” أي برمجيات آلية على الشبكات الاجتماعية.

هل حان وقت اليقظة من فخّ المنصات الاجتماعية، أم أنه “فعل ندامة” من علماء خبروا من الداخل وساهموا في بناء ما يسمى شبكات اجتماعية، لا تمت إلى الاجتماعي بصلة، بل تقوم بتدمير النسيج الاجتماعي. وكما يقول Roger McNamee مستثمر مساهم سابق في “فيسبوك” :”في وقت لاحق، سنفهم أننا شهدنا نقطة تحول: من اللحظة التي انتقلنا فيها من التكنولوجيا المصممة لجذب انتباهنا وتقويض المجتمع، إلى التكنولوجيا التي تحمي عقلنا وتجدد المجتمع.”

 نايلة الصليبي