
كتبت منذ سنوات مقالا عنمارك زوكيربرغ “الديكتاتور الأول في جمهورية فيسبوك“. بعدها أقفلتُ كلَ حساباتي على خدمات شركة فيسبوك من إنستغرام وواتساب وغيرها. القضية بالنسبة لي هي أخلاقية.
جميعا نعرف الحقيقة المخيفة، الاحتكار الكامل الذي تتمتع به منصة “فيسبوك” في انتشار المعلومات على الإنترنت. رجل واحد ومؤسسة واحدة يمكنهم تغيير حياتنا الرقمية راسا على عقب من خلال قرارات سخيفة هدفها الربح المادي فقط.
أصبحنا نعي وبشكل واضح كيف أن خوارزميات غامضة تتحكم بها مؤسسة واحدة، تقرر هي، ما علينا نحن مشاهدته أم لا، وتتحكم في كيفية وصولنا للمعلومات.
شركة واحدة هي خدمة من خدمات الإنترنت تبتلع الإنترنت، ها هو مارك زوكيربرغ يقرر مرة أخرى تعديل خوارزميات منصة فيسبوك بحجة تعزيز التقارير الأصلية أو الـ Original reporting.
هل عاد مارك زوكيربرغ إلى رشده؟ أم هي عملية تجميلية جديدة بعد مواجهة المنصات الاجتماعية ضغطًا كبيرا لتنظيف محتواها من الأخبار المضللة وخطابات الكراهية.
هل هي نتيجة حملة المقاطعة الإعلانية #StopHateForProfit، لوقف نشر خطاب الكراهية على منصة فيسبوك. حملة تدعمها عدة جمعيات أمريكية لمكافحة العنصرية. فقررت بعض العلامات التجارية الكبرى مقاطعة الترويج الإعلاني على منصة زوكيربرغ فخسرت اسهم فيسبوك 8% من قيمتها في سوق الأسهم في 26 يونيو، كما انخفض تقييم الشركة في يوم واحد، بمقدار 55.8 مليار دولار.
جاء التعديل الجديد للخوارزميات بمساعدة تقنيات الذكاء الاصطناعي حسب ما ورد في نص نشر في غرفة أخبار فيسبوك هو لتعزيز المقالات الرصينة الأصلية أو Original reporting، من خلال تحليل مجموعات المقالات حول موضوع أو قصة معينة لتحديد المصدر الأصلي للموضوع أو القصة لتمييزها في شريط الأخبارNews Feed. و القيام بذلك بمساعدة المؤسسات الإعلامية الناشرة لتحديد ما هي “التقارير الأصلية” حتى يتمكن خبراء فيسبوك من بناء إشارات وتعليمات في خوارزميات المنصة لتعزيز القصص الأصلية، إلى جانب ما يقوم به المستخدم من مراجعات وأبحاث.
هذا التعديل لن يغير تجربة News Feed بالنسبة لمعظم المستخدمين، ستُبْقي منصة فيسبوك على عرض المنشورات من المصادر الإخبارية التي يتابعها المستخدم أو التي يتابعها أصدقائه. تعديل الخوارزميات سيعزز فقط الــ Original reporting. داخل هذه المجموعة الفرعية.
فبالإضافة إلى إعطاء الأولوية للمقالات التي غالبا ما يتم ذكرها كمصدر للمعلومات، سيقوم فيسبوك أيضًا، سعيا للشفافية، بمعاقبة المواقع التي لا تشير إلى من هم كتاب المقالات. أو عدم تقديم معلومات حول هيئة تحرير المؤسسة على موقع الناشر.
المشكلة هنا في تطبيق هذه الشفافية أن بعض المؤسسات الإعلامية تلجأ لإخفاء هوية الكاتب لحماية الصحفي!
حاليا، التعديلات في خوارزميات شريط الأخبار تنطبق فقط على المنشورات الإخبارية باللغة الإنجليزية بانتظارالتوسع للغات أخرى.
هل هذه الخطوات تعتبر بداية عملية تنظيف المنصة للتقليل من الأخبار المضللة والتركيز على الأخبار الموثوقة استعدادا للانتخابات الرئاسية الأميركية؟
أذكركم بتصريحات ممولين ومطورين سابقين في شركة “فيسبوك”، “الذين خرجوا عن صمتهم، حول تأثير “فيسبوك” على “البشري المتصل” وكيف خوارزميات هذه الشبكة تدفع الى الإدمان و عملها كمخدر الدوبامين .عبروا عن ندمهم كونهم ساهموا في خلق “فرانكنشتاين” ، لا يدركون “ماذا يفعل بعقول أطفالنا” وبحياتنا.
نايلة الصليبي